التفاصيل الكاملة لمرسوم الإعانة الخاصة للأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية

 التفاصيل الكاملة لمرسوم الإعانة الخاصة للأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 24 دجنبر 2025 - 18:05

في خطوة تشريعية-تنظيمية تندرج ضمن المسار المتدرّج لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، صادقت الحكومة خلال اجتماعها المنعقد أمس الثلاثاء، على مشروع مرسوم يتعلق بالإعانة الخاصة الموجهة للأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وهو نص تنظيمي طال انتظاره، يأتي لتفعيل المادة 16 من القانون رقم 58.23 المتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، الذي أعطيت انطلاقته الرسمية بتعليمات ملكية سامية في 2 دجنبر 2023 .

المرسوم   الذي تتوفر عليه "الصحيفة" كما صيغ وصودق عليه، لا يقدّم إجراء ماليا معزولا بقدر ما يؤسس لآلية دعم منتظمة ومقننة لفئة تعد من أكثر الفئات هشاشة داخل المجتمع، أي الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية سواء بسبب اليتم أو الإهمال والمقيمين داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية وهو بذلك يسعى إلى إرساء مبدأ المساواة بين هؤلاء الأطفال وباقي الأطفال المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي المباشر، مع مراعاة خصوصية وضعيتهم القانونية والاجتماعية.

ينص المرسوم في بابه الأول، على شروط واضحة ومحددة للاستفادة من هذه الإعانة الخاص فبالنسبة للطفل اليتيم، يشترط أن يكون مغربي الجنسية، ومقيدا بالسجل الوطني للسكان وألا يكون مستفيدا من التعويضات العائلية، وألا يكون حاصلا على منحة دراسية غير أن المشرّع فتح هامشا تصحيحيا مهما إذ نص على أنه في حال كان الطفل يستفيد من منحة دراسية يقل مجموعها السنوي عن المبلغ السنوي للإعانة الخاصة فإنه يُصرف له الفرق بين المبلغين، تفاديا لأي إقصاء غير مبرر.

أما الطفل المهمل، فقد أضيف إلى هذه الشروط شرط جوهري يتمثل في صدور حكم قضائي نهائي يصرّح بإهماله، بما ينسجم مع مقتضيات مدونة الأسرة، ويؤطر الاستفادة داخل إطار قانوني صارم يمنع أي لبس أو استغلال.

ولضمان الإدماج الإداري لهذه الفئة، ألزم المرسوم مؤسسات الرعاية الاجتماعية باتخاذ الإجراءات الضرورية لتقييد الأطفال المعنيين بالسجل الوطني للسكان، انسجاما مع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، ومع مقتضيات مدونة الأسرة، وهو ما يعكس وعيا بأن الدعم المالي لا يمكن أن ينفصل عن الإدماج القانوني والمؤسساتي.

من حيث المسطرة، أسند المرسوم مهمة إيداع طلبات الاستفادة إلى مديري مؤسسات الرعاية الاجتماعية، الذين يتعين عليهم تقديم الطلبات نيابة عن الأطفال عبر منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض ويُمنح مدير المؤسسة وصل إيداع فور استكمال الإجراءات، كما يتم إشعاره بقرار القبول أو الرفض عبر المنصة نفسها.

وفي حالة الرفض، خوّل النص لمدير المؤسسة حق تقديم تظلم داخل أجل لا يتعدى ثلاثين يوما، على أن تبت الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي في هذا التظلم داخل أجل مماثل، بما يكرّس حق الطعن الإداري ويحد من القرارات التعسفية.

كما ألزم المرسوم مديري المؤسسات بالتصريح بكل تغيير يطرأ على وضعية الطفل المستفيد داخل أجل محدد، وربط الاستفادة بمبدأ التحيين المستمر للمعطيات، في انسجام مع فلسفة الاستهداف الدقيق التي يقوم عليها نظام الدعم الاجتماعي المباشر.

حدد المرسوم، الذي أعده الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، بمعية وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة نعيمة بنيحيى مبلغ الإعانة الخاصة في 500 درهم شهريا لكل طفل مستفيد، غير أن خصوصية هذا الدعم لا تكمن فقط في قيمته، بل في طريقة صرفه إذ نص على إيداع المبلغ شهريا في حساب خاص يفتح باسم الطفل لدى صندوق الإيداع والتدبير، وفق التشريع المتعلق بتدبير أموال القاصرين.

ويُعد هذا الاختيار مؤشرا على تصور بعيد المدى، حيث لا يُتاح للطفل أو نائبه الشرعي سحب المبالغ إلا عند بلوغ سن الرشد القانوني، مع ضمان حد أدنى إجمالي لا يقل عن 10.000 درهم ما يهدف إلى توفير رصيد مالي أولي يرافق الطفل في مرحلة الانتقال من الرعاية المؤسساتية إلى الاستقلال الاجتماعي.

كما نظم المرسوم وضعية الأطفال الذين يغادرون مؤسسات الرعاية الاجتماعية قبل بلوغ سن الرشد أو عند بلوغه من خلال إلزام الجهات المعنية بإشعارهم، أو إشعار نوابهم الشرعيين بكل المعلومات المتعلقة بالحساب والإجراءات الواجب اتباعها للتصرف في المبالغ المودعة.

لتفادي أي اختلال في الاستهداف أو صرف مبالغ دون وجه حق، خوّل المرسوم للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي صلاحية التحقق كلما دعت الضرورة من استيفاء شروط الاستفادة، عبر التبادل الإلكتروني للمعطيات مع مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة بناء على اتفاقيات محددة.

كما نص على خصم أي مبالغ صُرفت دون وجه حق من الحساب المخصص للطفل أو من أي إعانات أخرى قد يستفيد منها لاحقا، بما يعزز منطق المحاسبة والصرامة المالية.

وحدد المرسوم تاريخ دخوله حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من نشره بالجريدة الرسمية، مع إسناد مهمة تنفيذه إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، كلٌّ في حدود اختصاصه.

لاحقا، قدّمت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، قراءة سياسية-اجتماعية للنص معتبرة أنه يشكل أحد التدابير المحورية في تفعيل ورش الحماية الاجتماعية ويترجم الرؤية الملكية التي تضع الاستثمار في الرأسمال البشري في صلب الإصلاح الاجتماعي.

وأكدت الوزيرة أن هذا الإجراء لا ينبغي اختزاله في بعده المالي، بل يجب فهمه كتحول نوعي في طريقة تدبير شؤون الطفولة في وضعية هشاشة، من خلال دعم موجه منتظم وقائم على الاستهداف الدقيق بما يعزز اندماج هؤلاء الأطفال في محيطهم التربوي والاجتماعي، ويهيئهم لمرحلة ما بعد مغادرة مؤسسات الرعاية.

كما شددت على أن اعتماد منحة موحدة بقيمة 500 درهم، دون تمييز بين اليتامى والمهملين يعكس مقاربة قائمة على المساواة والكرامة غير القابلة للتجزئة ويهدف إلى تحسين جودة الرعاية داخل المؤسسات وضمان شروط إقامة أكثر إنصافا.

وفي سياق أوسع، ربطت الوزيرة هذا المرسوم بإصلاحات موازية تخص تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية والارتقاء بالموارد البشرية المشرفة عليها إضافة إلى إعداد برنامج وطني لمواكبة الأطفال بعد خروجهم من هذه المؤسسات، بهدف تقوية استقلاليتهم وإدماجهم الاجتماعي والمهني.

وبهذا المرسوم، تكون الحكومة قد وضعت لبنة تنظيمية جديدة ضمن منظومة الدعم الاجتماعي المباشر غير أن الرهان الحقيقي، كما في كل السياسات الاجتماعية سيظل مرتبطا بمدى فعالية التنفيذ، وجودة التنسيق بين المتدخلين وقدرة الدولة على تحويل النصوص إلى أثر ملموس في حياة الأطفال المعنيين في لحظة بات فيها سؤال العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الهشة في صلب النقاش العمومي.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...